فصل: باب الراء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكتاب **


  باب ما يمتنع من الإمالة من الألفات

التي أملتها فيما مضى فالحروف التي تمنعها الإمالة هذه السبعة‏:‏ الصاد والضاد والطاء والظاء والغين والقاف والخاء إذا كان حرفٌ منها قبل الألف والألف تليه‏.‏

وذلك قولك‏:‏ قاعدٌ وغائب وخامدٌ وصاعدٌ وطائفٌ وضامنٌ وظالم‏.‏

وإنما منعت هذه الحروف الإمالة لأنها حروفٌ مستعليةٌ إلى الحنك الأعلى والألف إذا خرجت من موضعها استعلت إلى الحنك الأعلى فلما كانت مع هذه الحروف المستعلية غلبت عليها كما غلبت الكسرة عليها في مساجد ونحوها‏.‏

فلما كانت الحروف مستعليةً وكانت الألف تستعلى وقربت من الألف كان العمل من وجهٍ واحد أخف عليهم كما أن الحرفين إذا تقارب موضعهما كان رفع اللسان من موضعٍ واحد أخف عليهم فيدغمونه‏.‏

ولا نعلم أحداً يميل هذه الألف إلا من لا يؤخذ بلغته‏.‏

وكذلك إذا كان الحرف من هذه الحروف بعد ألف تليها وذلك قولك‏:‏ ناقدٌ وعاطسٌ وعاصمٌ وعاضدٌن وعاظلٌ وناخلٌ وواغلٌ‏.‏

ونحوٌ من هذا قولهم‏:‏ صقت لما كان بعدها القاف نظروا إلى أشبه الحروف من موضعها بالقاف فأبدلوه مكانها‏.‏

وكذلك إن كانت بعد الألف بحرف وذلك قولك‏:‏ نافخٌ ونابغ ونافقٌ وشاحطٌ وعالطٌ وناهضٌ وناشطٌ ولم يمنعه الحرف الذي بينهما من هذا كما لم يمنع السين من الصاد في صبقت ونحوه‏.‏

واعلم أن هذه الألفات لا يميلها أحدٌ إلا من لا يؤخذ بلغته لأنها إذا كانت مما ينصب في غير هذه الحروف لزمها النصب فلم يفارقها في هذه الحروف إذ كان يدخلها مع غير هذه الحروف‏.‏

وكذلك إن كان شيء منها بعد الألف بحرفين وذلك قولك‏:‏ مناشيط ومنافيخ ومعاليق ومقاريض ومواعيظ ومباليغ‏.‏

ولم يمنع الحرفان النصب كما لم يمنع السين من الصاد في صويقٍ ونحوه‏.‏

وقد قال قوم‏:‏ المناشيط حين تراخت وهي قليلة‏.‏

فإذا كان حرفٌ من هذه الحروف قبل الألف بحرف وكان مكسوراً فإنه لا يمنع الألف من الإمالة‏.‏

وليس بمنزلة ما يكون بعد الألف لأنهم يضعون ألسنتهم في موضع المستعلية ثم يصوبون ألسنتهم فالانحدار أخف عليهم من الإصعاد‏.‏

ألا تراهم قالوا‏:‏ صبقت وصقت وصويقٌ‏.‏

لما كان يثقل عليهم أن يكونوا في حال تسفلٍ ثم يصعدون ألسنتهم أرادوا أن يكونوا فيح ال استعلاء وألا يعملوا في الإصعاد بعد التسفل فأرادوا أن تقع ألسنتهم موقعاً واحدا‏.‏

وقالوا‏:‏ قسوت وقست فلم يحولوا السين لأنهم انحدروا فكان الانحدار أخف عليهم من الاستعلاء من أن يصعدوا من حال التسفل‏.‏

وذلك قولهم‏:‏ الضعاف والصعاب والطناب والصفاف والقباب والقفاف والخباث والغلاب وهو في معنى المغالبة من قولك‏:‏ غالبته غلاباً‏.‏

وكذلك الظاء‏.‏

ولا يكون ذلك في قائم وقوائم‏.‏

لأنه جاء الحرف المستعلى مفتوحاً‏.‏

فلما كانت الفتحة تمنع الألف الإمالة في عذاب وتابلٍ كان الحرف المستعلى مع الفتحة أغلب إذ كانت الفتحة تمنع الإمالة فلما اجتمعا قويا على الكسرة‏.‏

وإذا كان أول الحرف مكسوراً وبين الكسرة والألف حرفان أحدهما ساكن والساكن أحد هذه الحروف فإن الإمالة تدخل الألف لأنك كنت ستميل لو لم يدخل الساكن للكسرة فلما كان قبل الألف بحرفٍ مع حرف تمال معه الألف صار كأنه هو المكسور وصار بمنزلة القاف في قفاف‏.‏

وذلك قولك‏:‏ ناقةٌ مقلاتٌ والمصباح والمطعان‏.‏

وكذلك سائر هذه الحروف‏.‏

وبعض من يقول قفافٌ ويميل ألف مفعالٍ وليس فيها أشيءٌ من هذه الحروف ينصب الألف في مصباحٍ ونحوه لأن حرف الاستعلاء جاء ساكناً غير مكسور وبعده الفتح فلما جاء مسكناً تليه الفتحة صار بمنزلته لو كان متحركاً بعده الألف وصار بمنزلة القاف في قوائم‏.‏

وكلاهما عربيٌّ له مذهبٌ‏.‏

وتقول‏:‏ رأيت قزحاً وأتيت ضمناً فتميل وهما ههنا بمنزلتهما في صفافٍ وقفافٍ‏.‏

وتقول‏:‏ رأيت عرقاً ورأيت ملغا لأنهما بمنزلتهما في غانم والقاف بمنزلتها في قائم‏.‏

وسمعناهم يقولون‏:‏ أراد أن يضربها زيدٌ فأمالوا‏.‏

ويقولون‏:‏ أراد أن يضربها قبل فنصبوا للقاف وأخواتها‏.‏

فأما ناب ومال وباع فإنه من يميل يلزمها الإمالة على كل حال لأنه إنما ينحو نحو الياء التي الألف في موضعها‏.‏

وكذلك خاف لأنه يروم الكسرة التي في خفت كما نحا نحو الياء‏.‏

وكذلك ألف حبلى لأنها في بنات الياء‏.‏

وقد بين ذلك‏.‏

ألا تراهم يقولون‏:‏ طاب وخاف ومعطى وسقى فلا تمنعهم هذه الحروف من الإمالة‏.‏

وذلك باب غزا لأن الألف ههنا كأنها مبدلة من ياء‏.‏

ألا ترى أنهم يقولون‏:‏ صغا وضغا‏.‏

ومما لا تمال ألفه فاعلٌ من المضاعف ومفاعلٌ وأشباههما لأن الحرف قبل الألف مفتوح والحرف الذي بعد الألف ساكن لا كسرة فيه فليس هنا ما يميله‏.‏

وذلك قولك‏:‏ هذا جادٌّ ومادٌّ وجواد‏:‏ جمع جادةٍ ومررت برجل جادٍّ فلا يميل يكره أن ينحو نحو الكسرة فلا يميل لأنه فر مما يحقق فيه الكسرة ولا يميل للجر لأنه إنما كان يميل في هذا للكسرة التي بعد الألف فلما فقدها لم يمل‏.‏

وقد أمال قوم في الجر شبهوها بمالك إذا جعلت الكاف اسم المضاف إليه‏.‏

وقد أمال قومٌ على كل حال كما قالوا‏:‏ هذا ماش ليبينوا الكسرة في الأصل‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ مررت بمال قاسم ومررت بمال ملقٍ‏.‏

ومررت بمال ينقل ففتح هذا كله‏.‏

وقالوا‏:‏ مررت بمال زيدٍ فإنما فتح الأول للقاف شبه ذلك بعاقدٍ وناعقٍ ومناشيط‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ بمال قاسم ففرق بين المنفصل والمتصل ولم يقو على النصب إذ كان منفصلا‏.‏

وقد فصلوا بين المنفصل وغيره في أشياء ستبين لك إن شاء الله‏.‏

وسمعناهم يقولون‏:‏ يريد أن يضربها زيدٌ ومنا زيدٌ فلما جاءوا بالقاف في هذا النحو نصبوا فقالوا‏:‏ أراد أن يضربها قاسمٌ ومنا نقل وأراد أن يعملها ملقٌ وأراد أن يضربها سملقٌ وأراد أن يضربها ينقل وأراد أن يضربنا بسوطٍ نصبوا لهذه المستعلية وغلبت كما غلبت في مناشيط ونحوها وصارت الهاء والألف كالفاء والألف في فاعلٍ ومفاعيل وضارعت الألف في فاعلٍ ومفاعيل ولم يمنع النصب ما بين الألف وهذه لحروف كما لم يمنع في السماليق قلب السين صاداً وصارت المستعلية في هذه الحروف أقوى منها في مال قاسمٍ لأن القاف هنا ليست من الحرف وإنما شبهت ألف مالٍ بألف فاعلٍ‏.‏

ومع هذا أنها في كلامهم ينصبها أكثرهم في الصلة أجروها على ما وصفت لك‏.‏

فتقول‏:‏ منا زيدٌ ويضربها زيدٌ إذ لم تشبه الألفات الأخر‏.‏

ولو فعل بها ما فعل بالمال لم يستنكر في قول من قال‏:‏ بمال قاسم‏.‏

وقالوا‏:‏ هذا عماد قاسمٍ وهذا عالم قاسم ونعمى قاسم فلم يكن عندهم بمنزلة المال ومتاعٍ وعجلان وذلك أن ال مال آخره يتغير وإنما يمال في الجر في لغة من أمال فإن تغير آخره عن الجر نصبت ألفه‏.‏

والذي أمال له الألف في عمادٍ وعابدٍ ونحوهما مما لا يتغير فإمالة هذا أبداً لازمةٌ فلما قويت هذه القوة لم يقو عليها المنفصل‏.‏

وقالوا‏:‏ لم يضربها الذي تعلم فلم يميلوا لأن الألف قد ذهبت ولم يجعلوها بمنزلة ألف حبلى ومرمى ونحوهما‏.‏

وقالوا‏:‏ أراد أن يعلما وأن يضبطا فتح للطاء وأراد أن يضبطها‏.‏

وقالوا‏:‏ أراد أن يعقلا لأن القاف مكسورة فهي بمنزلة قفافٍ‏.‏

وقالوا‏:‏ رأيت ضيقا ومضيقا كما قالوا‏:‏ علقا ورأيت علماً كثيراً فلم يميلوا لأنها نون وليست كالألف في معنى ومعزى‏.‏

وقد أمال قومٌ في هذا ما ينبغي أن يمال في القياس وهو قليل كما قالوا‏:‏ طلبنا وعنبا‏.‏

وذلك قول بعضهم‏:‏ رأيت عرقا وضيقا‏.‏

فلما قالوا طلبنا وعنتا وعنبا فشبهوها بألف حبلى جرأهم ذلك على هذا حيث كانت فيها علةٌ تميل القاف وهي الكسرة التي في أوله وكان هذا أجدر أن يكون عندهم‏.‏

وسمعناهم يقولون‏:‏ رأيت سبقا حيث فتحوا‏.‏

وإنما طلبنا وعرقا كالشواذ لقلتها‏.‏

واعلم أن بعض من يقول عابدٌ من العرب فيميل يقول‏:‏ مررت بمالك فينصب لأن الكسرة ليست في موضع تلزم وآخر الحرف قد يتغير فلم يقو عندهم كما قال بعضهم‏:‏ بمال قاسم ولم يقل عماد قاسم‏.‏

ومما لا يميلون ألفه‏:‏ حتى وأما وإلا فرقوا بينها وبين ألفات الأسماء نحو حبلى وعطشى‏.‏

وقال الخليل‏:‏ لو سميت رجلاً بها وامرأةً جازت فيها الإمالة‏.‏

ولكنهم يميلون في أنى لأن أتى تكون مثل أين وأين كخلفك وإنما هو اسمٌ صار ظرفا فقرب من عطشى‏.‏

وقالوا‏:‏ لا فلم يميلوا لما لم يكن اسماً فرقوا بينها وبين ذا‏.‏

وقالوا‏:‏ ما فلم يميلوا لأنها لم تمكن تمكن ذا ولأنها لا تتم اسماً إلا بصلة مع أنها لم تمكن تمكن المبهمة فرقوا بين المبهمين إذ كان ذا حالهما‏.‏

وقالوا‏:‏ با وتا في حروف المعجم لأنها أسماء ما يلفظ به وليس فيها ما في قد ولا وإنما جاءت كسائر الأسماء لا لمعنىً آخر‏.‏

وقالوا‏:‏ يا زيد لمكان الياء‏.‏

ومن قال هذا مالٌ‏:‏ ورأيت بابا فإنه لا يقول على حال‏:‏ ساقٌ ولا قارٌ ولا غابٌ‏:‏ - وغابٌ‏:‏ الأجمة - فهي كألف فاعلٍ عند عامتهم لأن المعتل وسطاً أقوى فلم يبلغ من أمرها ههنا أن تمال مع مستعلٍ كما أنهم لم يقولوا‏:‏ بال من بلت حيث لم تكن الإمالة قويةً في المال ولا مستحسنةً عند العامة‏.‏

  باب الراء

والراء إذا تكلمت بها خرجت كأنها مضاعفة والوقف يزيدها إيضاحاً فلما كانت الراء كذلك قالوا‏:‏ هذا راشدٌ وهذا فراشٌ فلم يميلوا لأنهم كأنهم قد تكلموا براءين مفتوحتين فلما كانت كذلك قويت على نصب الألفات وصارت بمنزلة القاف حيث كانت بمنزلة حرفين مفتوحين فلما كان الفتح كأنه مضاعف وإنما هو من الألف كان العمل من وجه واحد أخف عليهم‏.‏

وإذا كانت الراء بعد ألفٍ تمال لو كان بعدها غير الراء لم تمل في الرفع والنصب وذلك قولك‏:‏ هذا حمارٌ كأنك قلت هذا فعالل‏.‏

وكذلك في النصب كأنك قلت‏:‏ فعاللا فغلبت ههنا فنصبت كما فعلت ذلك قبل الألف‏.‏

وأما في الجر فتميل الألف كان أول الحرف مكسوراً أو مفتوحاً أو مضموماً لأنها كأنها حرفان مكسوران فتميل ههنا كما غلبت حيث كانت مفتوحة فنصبت الألف‏.‏

وذلك قولك‏:‏ من حمارك ومن عواره ومن المعار ومن الدوار كأنك قلت‏:‏ فعالل وفعالل وفعالل‏.‏

ومما تغلب فيه الراء قولك‏:‏ قاربٌ وغارمٌ وهذا طاردٌ وكذلك جميع المستعلية إذا كانت الراء مكسورة بعد الألف التي تليها وذلك لأن الراء لما كانت تقوى على كسر الألف في فعال في الجر وفعال لما ذكرنا من التضعيف قويت على هذه الألفات إذ كنت إنما تضع لسانك في موضع استعلاء ثم تنحدر وصارت المستعلية ههنا بمنزلتها في قفاف‏.‏

وتقول‏:‏ هذه ناقةٌ فارقٌ وأينقٌ مفاريق فتنصب كما فعلت ذلك حيث قلت‏:‏ ناعقٌ ومنافق ومناشيط‏.‏

وقالوا‏:‏ من قرارك فغلبت كما غلبت القاف وأخواتها فلا تكون أقوى من القاف لأنها وإن كانت كأنها حرفان مفتوحان فإنما هي حرفٌ واحد بزنته كما أن الألف في غارٍ والياء في قيلٍ بمنزلة غيرهما في الرد إذا صغرت ردتا إلى الواو وإن كان فيهما من اللين ما ليس في غيرهما‏.‏

فإنما شبهت الراء بالقاف وليس في الراء استعلاءٌ فجعلت مفتوحةً تفتح نحو المستعلية فلما قويت على القاف كانت على الراء أقوى‏.‏

واعلم أن الذين يقولون مساجد وعابد ينصبون جميع ما أملت في الراء‏.‏

واعلم أن قوما من العرب يقولون‏:‏ الكافرون ورأيت الكافرين والكافر وهي المنابر لما بعدت وصار بينها وبين الألف حرفٌ لم تقو قوة المستعلية لأنها من موضع اللام وقريبةٌ من الياء‏.‏

ألا ترى أن الألثغ يجعلها ياءً‏.‏

فما كانت كذلك عملت الكسرة عملها إذ لم يكن بعدها راءٌ‏.‏

وأما قوم آخرون فنصبوا لألف في الرفع والنصب وجعلوها بمنزلتها إذ لم يحل بينها وبين الألف كسرٌ وجعلوا ذلك لا يمنع النصب كما لم يمنع في القاف وأخواتها وأمالوا في الجر كما أمالوا حيث لم يكن بينها وبين الألف شيء وكان ذلك عندهم أولى حيث كان قبلها حرفٌ تمال له لو لم يكن بعده راءٌ‏.‏

وأما بعض من يقول‏:‏ مررت بالحمار فإنه يقول‏:‏ مررت بالكافر فينصب الألف وذلك لأنك قد تترك الإمالة في الرفع والنصب كما تتركها في القاف فلما صارت في هذا كالقاف تركها في الجر على حالها حيث كانت تنصب في الأكثر يعني في النصب والرفع وكان من كلامهم أن ينصبوا نحو عابدٍ وجعل الحرف الذي قبل الراء يبعده من أن يمال كما جعله قومٌ حيث قالوا هو كافرٌ يبعده من أن ينصب فلما بعد وكان النصب عندهم أكثر تركوه على حاله إذ كان من كلامهم أن يقولوا عابدٌ والأصل في فاعلٍ أن تنصب الألف ولكنها تمال لما ذكرت لك من العلة‏.‏

ألا تراها لا تمال في تابل‏.‏

فلما كان ذلك الأصل تركوها على حالها في الرفع والنصب وهذه اللغة أقل في قول من قال عابدٌ وعالمٌ‏.‏

واعلم أن الذين يقولون‏:‏ هذا قاربٌ يقولون‏:‏ مررت بقادرٍ ينصبون الألف ولم يجعلوها حيث بعدت تقوى كما أنها في لغة الذين قالوا مررت بكافرٍ لم تقو على الإمالة حيث بعدت لما ذكرنا من العلة‏.‏

وقد قال قومٌ ترتضى عربيتهم‏:‏ مررت بقادرٍ قبل للراء حيث كانت مكسورة‏.‏

وذلك أنه يقول قاربٌ كما يقول جارمٌ فاستوت القاف وغيرها فلما قلا مررت بقادر أراد أن يجعلها كقوله مررت بكافرٍ فيسويهما ههنا كما يسويهما هناك‏.‏

وسمعنا من نثق به من العرب يقول لهدبة بن خشرم‏:‏ عسى الله يغني عن بلاد ابن قادرٍ بمنهمرٍ جون الرباب سكوب ويقول‏:‏ هو قادرٌ‏.‏

واعلم أن من يقول‏:‏ مررت بكافرٍ أكثر ممن يقول‏:‏ مررت بقادر لأنها من حروف الاستعلاء واعلم أن من العرب من يقول‏:‏ مررت بحمار قاسم فينصبون للقاف كما نصبوا حين قالوا مررت بمال قاسم إلا أن الإمالة في الحمار وأشباهه أكثر لأن الألف كأنها بينها وبين القاف حرفان مكسوران فمن ثم صارت الإمالة فيها أكثر منها في المال‏.‏

ولكنهم لو قالوا جارم قاسم لم يكن بمنزلة حمار قاسم لأن الذي يميل ألف جارمٍ لا يتغير فبين حمار قاسم وجارم قاسم‏.‏

كما بين مال قاسم وعابد قاسم‏.‏

ومن قال‏:‏ مررت بحمار قاسم قال‏:‏ مررت بسفار قبل لأن الراء ههنا يدركها التغيير‏.‏

إما في

الإضافة وإما في اسم مذكرو هو حرف الإعراب‏.‏

وتقول‏:‏ مررت بفارٍّ قبل في لغة من قال مررت بالحمار قبل وقال مررت بكافرٍ قبل من قبل أنه

ليس بين المجرور وبين الألف في فارٍّ إلا حرف واحد ساكن لا يكون إلا من موضع الآخر وإنما

يرفع لسانه عنهما فكأنه ليس بعد الألف إلا راءٌ مكسورة فلما كان من كلامهم مررت بكافرٍ

كان اللازم لهذا عندهم الإمالة‏.‏

وتقول‏:‏ هذه صعاررٌ وإذا اضطر الشاعر قال‏:‏ الموارر‏.‏

وهذا بمنزلة مررت بفارٍّ لأنه إذا كان

من كلامهم هي المنابر كان اللازم لهذا الإمالة إذ كانت الراء بعد الألف مكسورة‏.‏

وقال تعالى

جده‏:‏ ‏"‏ كانت قوارير‏.‏

قوارير من فضةٍ ‏"‏‏.‏

وتقول‏:‏ هذه دنانير كما قلت‏:‏ كافرٌ فهذا أجدر لأن الراء أبعد‏.‏

وقد قال‏:‏ بعضهم مناشيط

فذا أجدر‏.‏

فإذا كنت في الجر فقصتها قصة كافر‏.‏

واعلم أن الذين يقولون‏:‏ هذا داع في السكوت فلا يميلون لأنهم لم يلفظوا بالكسرة كسرة العين

يقولون‏:‏ مررت بحمار لأن الراء كأنها عندهم مضاعفة فكأنه جر راءً قبل راء‏.‏

وذلك قولهم

مررت بالحمار وأستجير بالله من النار‏.‏

وقالوا‏:‏ في مهارى تميل الهاء وما قبلها‏.‏

وقال‏:‏ سمعت

العرب يقولون‏:‏ ضربت ضربه وأخذت أخذه وشبه الهاء بالألف فأمال ما قبلها كما يميل ما

قبل الألف‏.‏

ومن قال أراد أن يضربها قاسمٌ قال‏:‏ أراد أن يضربها راشدٌ‏.‏

ومن قال بمال قاسم

قال‏:‏ بمال راشدٍ والراء أضعف في ذلك من القاف لما ذكرت لك‏.‏

وتقول‏:‏ رأيت عفرا كما تقول رأيت علقا ورأيت عيرا كما قلت ضيقا وهذا عمران كما تقول

حمقان‏.‏

واعلم أن قوماً يقولون‏:‏ رأيت عفرا فيميلون للكسرة لأن الألف في آخر الحرف فلما كانت الراء

ليست كالمستعلية وكان قبلها كسرة وكانت الألف في آخر الحرف شبهوها بألف حبلى وكان

هذا ألزم حيث قال بعضهم‏:‏ رأيت عرقا وقال‏:‏ أراد أن يعقرها وأراد أن يعقرا ورأيتك

عسرا جعلوا هذه الأشياء بمنزلة ما ليس فيه راء‏.‏

وقالوا‏:‏ النغران حيث كسرت أول الحرف وكانت الألف بعد ما هو من نفس الحرف فشبه بما

يبنى على الكلمة نحو ألف حبلى‏.‏

وقالوا عمران ولم يقولوا برقان جمع برقٍ ولا حمقانٌ لأنها من الحروف المستعلية‏.‏

ومن قال هذا عمران فأمال قال في رجل يسمى عقران‏:‏ هذا عقران كما قالوا جلبابٌ فلم يمنع

ما بينهما الإمالة كما لم يمنع الصاد في صماليق‏.‏

وقالوا‏:‏ ذا فراشٌ وهذا جرابٌ كانت الكسرة أولاً والألف زائدة شبهت بنغرانٍ‏.‏

والنصب فيه

كله أحسن لأنها ليست كألف حبلى‏.‏

  باب ما يمال من الحروف

التي ليس بعدها ألف إذا كانت الراء بعدها مكسورة

وذلك قولك‏:‏ من الضرر ومن البعر ومن الكبر ومن الصغر ومن الفقر لما كانت الراء كأنها

حرفان مكسوران وكانت تشبه الياء أمالوا المفتوح كما أمالوا الألف لأن الفتحة من الألف

وشبه الفتحة بالكسرة كشبه الألف بالياء فصارت الحروف ها هنا بمنزلتها إذ كانت قبل الألف

وبعد الألف الراء وإن كان الذي قبل الألف من المستعلية نحو ضاربٍ وقارب‏.‏

وتقول‏:‏ من عمرو فتميل العين لأن الميم ساكنة‏.‏

وتقول‏:‏ من المحاذر فتميل الذال ولا تقوى

على إمالة الألف لأن بعد الألف فتحاً وقبلها فصارت الإمالة لا تعمل بالألف شيئاً كما أنك

تقول حاضرٌ فلا تميل لأنها من الحروف المستعلية‏.‏

فكما لم تمل الألف للكسرة كذلك لم تملها

لإمالة الذال‏.‏

وتقول‏:‏ هذا ابن مذعورٍ كأنك تروم الكسرة لأن الراء كأنها حرفان مكسوران فلا تميل الواو

لأنهها لا تشبه الياء ولو أملتها أملت ما قبلها ولكنك تروم الكسرة كما تقول رد‏.‏

ومثل هذا قولهم‏:‏ عجبت من السمر وشربت من المنقر‏.‏

والمنقر‏.‏

الركية الكثيرة الماء‏.‏

وقالوا‏:‏ رأيت خبط الريف كما قالوا من المطر‏.‏

وقالوا‏:‏ رأيت خبط فرند كما قال من الكافرين‏.‏

ويقال هذا خبط رياحٍ كما قال من المنقر‏.‏

وقال مررت بعيرٍ ومررت بخيرٍ فلم يشمم لأنها تخفى مع الياء كما أن الكسرة في الياء أخفى‏.‏

وكذلك مررت ببعيرٍ لأن العين مكسورة‏.‏

ولكنهم يقولون‏:‏ هذا ابن ثورٍ‏.‏

وتقول‏:‏ هذا قفا رياحٍ كما تقول رأيت خبط رياحٍ فتميل طاء خبطٍ للراء المنفصلة المكسورة

وكذلك ألف قفا في هذا القول‏.‏

وأما من قال‏:‏ مررت بمال قاسمٍ فلم ينصب لأنها منفصلة قال‏:‏ رأيت خبط رياحٍ وقفا رياحٍ

سمعنا جميع ما ذكرنا لك من الإمالة والنصب في هذه الأبواب من العرب‏.‏

ومن قال‏:‏ من عمرٍو ومن النغر فأمال لم يمل من الشرق لأن بعد الراء حرفاً مستعلياً فلا

يكون ذا كما لم يكن‏:‏ هذا مارقٌ‏.‏

  باب ما يلحق الكلمة إذا اختلت

حتى تصير حرفا فلا يستطاع أن يتكلم بها في الوقف

فيعتمد بذلك اللجق في الوقف وذلك قولك‏:‏ عه وشه‏.‏

وكذلك جميع ما كان من باب وعى

يعي‏.‏

فإذا وصلت قلت‏:‏ ع حديثاً وش ثوباً حذفت لأنك وصلت إلى التكلم به فاستغنيت

عن الهاء‏.‏

فاللاحق في هذا الباب الهاء‏.‏

  باب ما يتقدم أول الحروف

وهي زائدة قدمت لإسكان أول الحروف

فلم تصل إلى أن تبتدىء بساكن فقدمت الزيادة متحركة لتصل إلى التكلم

والزيادة ههنا الألف الموصولة‏.‏

وأكثر ما تكون في الأفعال‏.‏

فتكون في الأمر من باب فعل يفعل ما لم يتحرك ما بعدها‏.‏

وذلك قولك‏:‏ اضرب اقتل اسمع

اذهب لأنهم جعلوا هذا في موضع يسكن أوله فيما بنوا من الكلام‏.‏

وتكون في انفعلت وافعللت وافتعلت‏.‏

وهذه الثلاثة على زنةٍ واحدةٍ ومثالٍ واحد والألف

تلزمهن في فعل وفعلت والأمر لأنهم جعلوه يسكن أوله ههنا فيما بنوا من الكلام‏.‏

وذلك انطلق

وتكون في استفعلت وافعنللت وافعاللت وافعولت وافعولت هذه الخمسة على مثالٍ

واحد وحال الألف فيهن كحالها في افعتعلت وقصتهن في ذلك كقصتهن في افتعلت‏.‏

وذلك

نحو استخرجت واقعنست واشهاببت والجوذت واعشوشبت‏.‏

وكذلك ما جاء من بنات

الأربعة على مثال استفعلت نحو احرنجمت واقشعررت‏.‏

فحالهن كحال استفعلت‏.‏

وأما ألف أفعلت فلم تلحق لأنهم أسكنوا الفاء ولكنها بني بها الكلمة وصارت فيها بمنزلة

ألف فاعلت في فاعلت فلما كانت كذلك صارت بمنزلة ما ألحق ببنات الأربعة ألا ترى أنهم

يقولون يخرج وأنا أخرج فيضمون كما يضمون في بنات الأربعة لأن الألف لم تلحق لساكنٍ

أحدثوه‏.‏

وأما كل شيء كانت ألفه موصولة فإن نفعل منه وأفعل وتفعل مفتوحة الأوائل لأنها ليست تلزم

أول الكلمة يعني ألف الوصل وإنما هي ههنا كالهاء في عه‏.‏

فهي في هذا الطرف كالهاء في

هذاك الطرف فلما لم تقرب من بنات الأربعة نحو دحرجت وصلصلت جعلت أوائل ما ذكرنا

مفتوحاً كأوائل ما كان من فعلت الذي هو على ثلاثة أحرف نحو ذهب وضرب وقتل وعلم

وصارت احرنجمت واقشعررت كاستفعلت لأنها لم تكن هذه الألفات فيها إلا لما حدث من

السكون ولم تلحق لتخرج بناء الأربعة إلى بناء من الفعل أكثر من الأربعة كما أن أفعل

خرجت من الثلاثة إلى بناء من الفعل على الأربعة لأنه لا يكون الفعل من نحو سفرجلٍ لا تجد

في الكلام مثل سفرجلت‏.‏

فلما لم يكن ذلك صرفت إلى باب استفعلت فأجريت مجرى ما

أصله الثلاثة‏.‏

يعني احرنجم‏.‏

واعلم أن هذه الألفات إذا كان قبلها كلامٌ حذفت لأن الكلام قد جاء قبله ما يستغنى به عن

الألف كما حذفت الهاء حين قلت‏:‏ ع يا فتى فجاء بعدها كلام‏.‏

وذلك قولك‏:‏ يا زيد

اضرب عمراً ويا زيد اقتل واستخرج وإن ذلك احرنجم وكذلك جميع ما كانت ألفه

موصولة‏.‏

واعلم أن الألف الموصولة فيما ذكرنا في الابتداء مكسورةٌ أبداً إلا أن يكون الحرف الثالث

مضموماً فتضمها وذلك قولك‏:‏ اقتل استضعف احتقر احرنجم‏.‏

وذلك أنك قربت الألف من

المضموم إذ لم يكن بينهما إلا ساكن فكرهوا كسرةً بعدها ضمةٌ وأرادوا أن يكون العمل من

وجه واحد كما فعلوا ذلك في‏:‏ مذ اليوم يا فتى‏.‏

وهو في هذا أجدر لأنه ليس في الكلام

حرفٌ أوله مكسور والثاني مضموم‏.‏

وفعل هذا به كما فعل بالمدغم إذا أردت أن ترفع لسانك

من موضع واحد‏.‏

وكذلك أرادوا أن يكون العمل من وجه واحد ودعاهم ذلك إلى أن قالوا‏:‏

أنا أجوءك وأنبؤك وهو منحدرٌ من الجبل‏.‏

أنبأنا بذلك الخليل‏.‏

اضرب الساقين إمك هابل

فكسرهما جميعاً كما ضم في ذلك‏.‏

ومثل ذلك - البيت للنعمان بن بشير الأنصاري‏:‏

ويلمها في هواء الجو طالبة ولا كهذا الذي في الأرض مطلوب

وتكون موصلة في الحرف الذي تعرف به الأسماء‏.‏

والحرف الذي تعرف به الأسماء هو الحرف

الذي في قولك‏:‏ القوم والرجل والناس وإنما هما حرفٌ بمنزلة قولك قد وسوف‏.‏

وقد بينا ذلك

فيما ينصر وما لا ينصرف

ألا ترى أن الرجل إذا نسي فتذكر ولم يرد أن يقطع يقول‏:‏ ألي كما يقول قدي ثم يقول‏:‏ كان

وكان‏.‏

ولا يكون ذلك في ابنٍ ولا امرىءٍ لأن الميم ليست منفصلة ولا الباء‏.‏

وقال غيلان‏:‏

دع ذا وعجل ذا وألحقنا بذل بالشحم إنا قد مللناه بجل

كما تقول‏:‏ إنه قدي ثم تقول‏:‏ قد كان كذا وكذا فتثني قد‏.‏

ولكنه لم يكسر اللام في قوله بذل

ويجيء بالياء لأن البناء قد تم‏.‏

وزعم الخليل أنها مفصولة كقد وسوف ولكنها جاءت لمعنىً كما يجيئان للمعاني فلما لم تكن

الألف في فعل والا اسمٍ كانت في الابتداء مفتوحة فرق بينها وبين ما في الأسماء والأفعال‏.‏

وصارت في ألف الاستفهام إذا كانت قبلها لا تحذف شبهت بألف أحمر لأنها زائدة‏.‏

وهي

مفتوحة مثلها لأنها لما كانت في الابتداء مفتوحة كرهوا أن يحذفوها فيكون لفظ الاستفهام

والخبر واحداً فأرادوا أن يفصلوا ويبينوا‏.‏

ومثلها من ألفات الوصل الألف التي في أيم وأيمن لما كانت في اسم لا يتمكن تمكن الأسماء

التي فيها ألف الوصل نحو ابنٍ واسم وامرىءٍ وإنما هي في اسم لا يستعمل إلا في موضع واحد

شبهتها هنا بالتي في أل فيما ليس باسم إذ كانت فيما لا يتمكن تمكن ما ذكرنا وضارع ما

ليس باسم ولا فعلٍ‏.‏

والدليل على أنها موصولة قولهم‏:‏ ليمن الله وليم الله قال الشاعر‏:‏

وقال فريق القوم لما نشدتهم ** نعم وفريقٌ ليمن الله ما ندري

وقد كنا بينا ذلك في باب القسم‏.‏

فأرادوا أن تكون هذه الياء مسكنةً فيما بنوا من الكلام‏.‏

كما فعلوا ذلك فيما ذكرنا من الأفعال وفي أسماء سنبينها لك إن شاء الله‏.‏

فقصة أيم قصة

الألف واللام‏.‏

فهذا قول الخليل‏.‏

وقال يونس‏:‏ قال بعضهم‏:‏ إيم الله فكسر ثم قال ليم الله فجعلها كألف ابنٍ‏.‏

وإنما تكون في أسماء معلومة أسكنوا أوائلها فيما بنوا من الكلام وليست لها أسماءٌ تتلئب

فيها كالأفعال هكذا أجروا ذا في كلامهم‏.‏

وتلك الأسماء‏:‏ ابنٌ وألحقوه الهاء للتأنيث فقالوا‏:‏ ابنةٌ‏.‏

واثنان وأحلقوه الهاء للتأنيث فقالوا‏:‏ اثنتان كقولك‏:‏ ابنتان‏.‏

وامرؤٌ وأحلقوه الهاء للتأنيث فقالوا‏:‏ امرأة‏.‏

وابنمٌ واسمٌ واستٌ‏.‏

فجميع هذه الألفات مكسورة في الابتداء وإن كان الثالث مضموماً نحو‏:‏ ابنمٌ وامرؤٌ لأنها

ليست ضمةً تثبت في هذا البناء على كل حال إنما تضم في حال الرفع‏.‏

فلما كان كذلك فرقوا

بينها وبين الأفعال نحو اقتل استضعف لأن الضمة فيهن ثابتة فتركوا الألف في ابنمٍ وامرىءٍ على

حالها والأصل الكسر لأنها مكسورة أبداً في الأسماء والأفعال إلا في الفعل المضموم الثالث كما

قالوا‏:‏ أنبؤك والأصل كسر الباء فصارت الضمة في امرؤٌ إذ كانت لم تكن ثابتة كالرفعة في نون

ابنٌ لأنها ضمة إنما تكون في حال الرفع‏.‏

واعلم أن هذه الألفات ألفات الوصل تحذف جميعاً إذا كان قبلها كلام إلا ما ذكرنا من الألف

واللام في الاستفهام وفي أيمن في باب القسم لعلةٍ قد ذكرناها فعل ذلك بها في باب القسم

حيث كانت مفتوحة قبل الاستفهام فخافوا أن تلتبس الألف بألف الاستفهام وتذهب في غير

ذلك إذا كان قبلها كلام إلا أن تقطع كلامك وتستأنف كما قالت الشعراء في الأنصاف لأنها

مواضع فصول فإنما ابتدءوا بعد قطع‏.‏

قال الشاعر‏:‏

ولا يبادر في الشتاء وليدنا ** ألقدر ينزلها بغير جعال

وقال لبيد‏:‏

أو مذهبٌ جددٌ على ألواحه ** ألناطق المزبور والمختوم

واعلم أن كل شيءٍ كان أول الكلمة وكان متحركاً سوى ألف الوصل فإنه إذا كان قبله كلامٌ لم

يحذف ولم يتغير إلا ما كان من هو وهي فإن الهاء تسكن إذا كان قبلها واو أو فاء أو لام

وذلك قولك‏:‏ وهو ذاهبٌ ولهو خيرٌ منك فهو قائمٌ‏.‏

وكذلك هي لما كثرتا في الكلام وكانت

هذه الحروف لا يلفظ بها إلا مع ما بعدها صارت بمنزلة ما هو من نفس الحرف فأسكنوا كما

قالوا في فخذٍ‏:‏ فخذٌ ورضى‏:‏ رضى وفي حذر‏:‏ حذرٌ وسرو‏:‏ سرو فعلوا ذلك حيث

كثرت في كلامهم وصارت تستعمل كثيراً فأسكنت في هذه الحروف استخفافاً‏.‏

وكثير من

العرب يدعون الهاء في هذه الحروف على حالها‏.‏

وفعلوا بلام الأمر مع الفاء والواو مثل ذلك لأنها كثرت في كلامهم وصارت بمنزلة الهاء في أنها لا

يلفظ بها إلا مع ما بعدها وذلك قولك‏:‏ فلينظر وليضرب‏.‏

ومن ترك الهاء على حالها في هي

وهو ترك الكسرة في اللام على حالها‏.‏

  باب تحرك أواخر الكلم الساكنة

إذا حذفت ألف الوصل لالتقاء الساكنين

وإنما حذفوا ألف الوصل ها هنا بعد الساكن لأن من كلامهم أن يحذف وهو بعد غير الساكن

فلما كان ذلك من كلامهم حذفوها ههنا وجعلوا التحرك للساكنة الأولى حيث لم يكن ليلتقي

ساكنان‏.‏

وجعلوا هذا سبيلها ليفرقوا بينها وبين الألف المقطوعة‏.‏

فجملة هذا الباب في التحرك

أن يكون الساكن الأول مكسوراً وذلك قولك‏:‏ اضرب ابنك وأكرم الرجل واذهب اذهب و

‏"‏ قل هو الله أحدٌ‏.‏

الله ‏"‏ لأن التنوين ساكن وقع بعده حرف ساكن فصار بمنزلة باء اضرب

ونحو ذلك‏.‏

ومن ذلك‏:‏ إن الله عافاني فعلت وعن الرجل وقط الرجل ولو استطعنا‏.‏

ونظير الكسر ها هنا قولهم‏:‏ حذار وبداد ونظار ألزموها الكسر في كلامهم فجعلوا سبيل

هذا الكسر في كلامهم فاستقام هذا الضرب على هذا ما لم يكن اسماً نحو حذام لئلا يلتقي

ساكنان‏.‏

ونحوه‏:‏ جير يا فتى وغاق غاق كسروا هذا إذ كان من كلامهم أن يكسروا إذا

التقى الساكنان‏.‏

وقال الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏"‏ قل انظروا ماذا في السموات والأرض ‏"‏ فضموا الساكن حيث حركوه

كما ضموا الألف في الابتداء‏.‏

وكرهوا الكسر ههنا كما كرهوه في الألف فخالفت سائر السواكن

كما خالفت الألف سائر الألفات يعني ألفات الوصل‏.‏

وقد كسر قومٌ فقالوا‏:‏ ‏"‏ قل انظروا ‏"‏ وأجروه على الباب الأول ولم يجعلوها كالألف ولكنهم

جعلوها كآخر جير‏.‏

وأما الذين يضمون فإنهم يضمون في كل ساكن يكسر في غير الألف المضمومة‏.‏

فمن ذلك قوله

عز وجل‏:‏ ‏"‏ وقالت اخرج عليهن ‏"‏ ‏"‏ وعذابٌ‏.‏

اركض برجلك ‏"‏‏.‏

ومنه‏:‏ ‏"‏ أو انقص منه قليلاً ‏"‏‏.‏

وهذا كله عربي قد قرىء‏.‏

ومن قال‏:‏ قل انظروا كسر جميع هذا‏.‏

والفتح في حرفين‏:‏ أحدهما قوله عز وجل‏:‏ ‏"‏ ألم‏.‏

الله ‏"‏ لما كان من كلامهم أن يفتحوا لالتقاء

الساكنين فتحوا هذا وفرقوا بينه وبين ما ليس بهجاء‏.‏

ونظير ذلك قولهم‏:‏ من الله ومن الرسول ومن المؤمنين لما كثرت في كلامهم ولم تكن فعلا

وكان الفتح أخف عليهم فتحوا وشبهوها بأين وكيف‏.‏

وزعموا أن ناساً من العرب يقولون‏:‏ من الله فيكسرونه ويجرونه على القياس‏.‏

فأما ‏"‏ ألم ‏"‏ فلا يكسر لأنهم لم يجعلوه في ألف الوصل بمنزلة غيره ولكنهم جعلوه كبعض ما

يتحرك لالتقاء الساكنين‏.‏

ونحو ذلك لم يلده‏.‏

واعلمن ذلك لأن للهجاء حالاً قد تبين‏.‏

وقد اختلفت العرب في من إذا كان بعدها ألف وصل غير ألف اللام فكسره قوم على

القياس وهي أكثر في كلامهم وهي الجيدة‏.‏

ولم يكسروا في ألف اللام لأنها مع ألف اللام أكثر

لأن الألف واللام كثيرةٌ في الكلام تدخل في كل اسم ففتحوا استخفافاً فصار من الله بمنزلة

الشاذ‏.‏

وذلك قولك‏:‏ من ابنك ومن امرىءٍ‏.‏

وقد فتح قومٌ فصحاء فقالوا‏:‏ من ابنك فأجروها

مجرى من المسلمين‏.‏

  باب ما يضم من السواكن

إذا حذفت بعد ألف الوصل

وذلك الحرف الواو التي هي علامة الإضمار إذا كان ما قبلها مفتوحاً وذلك قوله عز وجل‏:‏

‏"‏ ولا تنسوا الفضل بينكم ‏"‏ ورموا ابنك واخشوا الله‏.‏

فزعم الخليل أنهم جعلوا حركة الواو منها

ليفصل بينها وبين الواو التي من نفس الحرف نحو واو لو و أو‏.‏

وقد قال قوم‏:‏ ‏"‏ ولا تنسوا الفضل بينكم ‏"‏ جعلوها بمنزلة ما كسروا من السواكن وهي قليلة‏:‏

وقد قال قوم‏:‏ لو استطعنا شبهوها بواو اخشوا الرجل ونحوها حيث كانت ساكنة مفتوحاً ما

قبلها‏.‏

وهي في القلة بمنزلة‏:‏ ‏"‏ ولا تنسوا الفضل بينكم ‏"‏‏.‏

وأما الياء التي هي علامة الإضمار وقبلها حرفٌ مفتوح فهي مكسورةٌ في ألف الوصل‏.‏

وذلك‏:‏ أخشى الرجل للمرأة لأنهم لما جعلوا حركة الواو من الواو جعلوا حركة الياء من الياء

فصارت تجرى ههنا كما تجرى الواو ثم‏.‏

وإن أجريتها مجرى ‏"‏ ولا تنسوا الفضل بينكم ‏"‏ كسرت

فهي على كل حال مكسورة‏.‏

ومثل هذه الواو واو مصطفون لأنها واوٌ زائدة لحقت للجمع كما لحقت واو اخشوا لعلامة

الجمع وحذفت من الاسم ما حذفت واو اخشوا فهذه في الاسم كتلك في الفعل‏.‏

والياء في

مصطفين مثلها في اخشى وذلك مصطفو الله ومن مصطفى الله‏.‏